الأربعاء، 12 سبتمبر 2012

هي و الكرسي



في زاوية كرسي منسي, تجلس منكمشة على نفسها, متمنية لو أنه يبتلعها فتختفي, كما ابتلعتها دوامة الحيرة و الخوف, هل لحظ أحدهم وجودها؟ أم نسيها الجميع و اختفت عن أنظارهم؟ لا تذكر كم مر من الوقت على جلوسها هذا, لكنها تعلم أن طفولتها قد إنتهت هناك في ذاك المكان و تلك الأيام, كيف لها ان تحيا؟ لماذا؟ و كيف؟ و أين؟
يتسرب إليها من خلال الذاكرة, بوجهه الأول الذي كانت تحبه, مرَّ زمن زمن طويل على آخر مرة رأت فيه هذا الوجه, منذ عاد من رحلته الأخيرة إلى برلين, كانت تستشعر شيئا ما به و لا تعرف ماهيته, تراه في كل تصرفاته, تذكر
بعد يوم طويل قضته بعيدا عنه ما كان هناك شيء يشبه فرحتها باللقاء مجددا كادت ان ترتمي في احضانه لكنه تركها و التفت إلى شيء آخر متجاهلا اجتياحها له حاولت ان تتعامل بطفولتها و تحدثه عن أي شيء لكنها أدركت انه لا يسمعها كتمت أنينها و تركته، يوما تلو آخر تراه يتهرب منها دون ان تجد تفسيرا، تسمعه يبكي و لا تعرف سببا لم يكن هناك دمع في عينيه لكن روحه كانت تشهق حد الموت، اعتادت غيابه و اعتادت انشغاله عنها لكنها لم تجد له مبررا، من لها سواه في الحياة و من له سواها، كيف يتركها هكذا؟ خافت سؤاله لكنها سرعان ما ندمت، فلن تتسنى لها فرصة أخرى, تذكر كيف انتقل قلقه المتزايد عليها إليها لا إراديا, باتت ترتاب في كل وجه غير مألوف في محيطها, ما عادت تشارك أصدقائها رحلة الذهاب و العودة إلى الحضانة...
دموعه الليلية سرقت منه وهج الحياة بصمت, لكنها اليوم تراه بفرحه القديم بلقائها, فخره بإصطحابها على كتفيه في الشوارع و بين الناس, كل هذا إختفى من حياتها و حياته, و هي اليوم على يقين من أنه لن يعود...
كلما أرادت البكاء خافت ان يلحظها أحد, بدأت رحلتها مع الصمت الحقيقي المجرد, حتى جاءت تلك الصفعات التي أيقظتها من سباتها..

كبرت كثيرا, لكنها ما تزال منكمشة في مقعدها, عله يبتلعها و تختفي بحق هذه المرة, بكل ذكرياتها, إنتصاراتها و كبواتها و كل حزنها و فرحها... تختفي بلا عودة إلى حياة



نداء عادل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق