بعد مرورها بنا بالأمس تغيرت للحظة نظراتي لما أحيا منذ أكثر من ربع قرن
إبنة وحيدة اليوم لأبويها بعد أن كان لها أخ في ريعان الشباب اختطفه المرض بين ليلة و
ضحاها و لا مبالغة حين أقول انها ليلة و ضحاها
جاء التعليق من أحدهم: كلما مرت بي و استشعرت مدى ما فيها من غباء تقززت من
وجودها
نظرت إليه و سألته هل فكرت بنظرتها اليوم الى الحياة بعد المرض العصبي الذي
أصابها نتيجة الصدمةهل تتخيل مدى ما بها من ألم و هي تعلم انها قرييا ستكون وحيدة
في هذا العالم بعدما كان لها أخ تعتز به و تنظر إليه على أنه سندها بعد رحيل الأبوين؟
هل تخيلت و لو لحظة ان يختفي من تحب من حولك و تبقى وحيدا مريضا في بيت؟
حتى زمن قريب كنت أحسد كل فتاة عندما أراها بصحبة أبويها تنال دعمهم مشورتهم و
نصائحهم تحظى بإهتمامهم و تنهل من حنانهم دون ان تشعر هي بقيمة ما تملك
نعم كنت أحسدها و اتسائل كيف كنت لأصبح لو كان لي أهل من حولي
كنت في بعض الأحيان أتوق لعناق حان أو توبيخ من أم
و هذا أوقعني مع أناس استغلوا نقطة ضعفي تلك
كنت أحيانا كثيرة أتوق لسعة أفق أب
و هذا أيضا أوقعني مع اناس حاولوا استغلال نقطة ضعفي تلك
كنت ألومهما دوما على رحيلهما المبكر و تركي وحيدةكنت اغضب أحيانا كثيرة عندما
لا أجد من يسندني في ضعفي و يحميني من
الغدر و من الزمان القاسي الذي عشت
لم يكن هناك أحد لينصحني في حياتي, لم يكن هناك أحد يكتب معي ذكرياتي يعيش
فرحي بالنجاح و يسهر على مرضي لم يكن هناك أحد منذ ربع قرن
تشكلت إمرأة قوية يراها الغريب صلبة, يراها الغريب جبل لا يتأثر بالزمن و عوامل
المناخ, يراها الغريب....
و القريب يهابها لا خوفا عليها بل خوفا على الإرث الذي كان لها
أذكر ذات يوم و انا في رحلة علاج بعد أزمة حياتية بحتة زيارة من انسانة ظننت انها
أمي في يوم من الأيام
و أذكر جيدا ما قالته لي لحظتها
"أتيت لأرى انكسارك فإذ بي أراك تقفين كما الرمح"
نظرت إليها بإبتسامة و طلبت منها الرحيل
كنت أتوق لعناق لكنها خذلتني بعد هذه السنين
خذلتني بكل ما بها من كراهية و حقد لا ينتهيان
خذلتني و رحلت
بكيت بعدها قليلا و عدت الى جلسة العلاج الفيزيائي افرغ همي في العلاج
عدت الى موضوعنا و قلت ليس بالضرورة ان نقاوم الصدمات و نحيا
البعض لا يستطيع المقاومة كما فعلت طوال ربع قرن
هي ليست بمضطرة للمقاومة لأن لديها من يسندها
ثم عدت الى نفسي و سألتها هل أردت ان تكوني بهذا الشكل؟
و جاء الرفض قاطعا, لمعت الفكرة في الروح و أضائت من حولها عتمة الوحدة
ربما كان من الأفضل ان يموتا باكرا فلولا موتهما المبكر ما اصبحت انسانة نوعا ما
سوية رغم غرابة أطوارها و أفكارها و مجريات حياتها
انا و للمرة الأولى أجد إيجابية في موتهما مبكرا
نداء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق