كان الحزن يطل من كل نوافذها عوضًا عن النور، ما كنت تبصر إلا الظلام، تحولت إلى كائن ليلي سرق من الحياة دمعاتها وهرب بعيدًا في الصحاري...
هكذا كان الأمر في ظاهره عذاب لا ينتهي، لم تدرك يومًا المغزى من كل العناء.. لم تدرك يومًا تلك المصائب المتلاحقة في حياتها، ما كانت أسبابها، حتى رأت يومًا بصيص نور بعيد...
عرفت للمرة الأولى أن هناك في الحياة نور أيضًا، لكنها خشيت السير وراء السراب، قررت ان تخفف من العتمة، فتحت باب الذاكرة، اجتثت منها جزءا وأخذت تراه من جوانبه كافة، وجدته مختلفا عن ما عهدته، أصبحت تعرفه بشكل أفضل فتصالحت معه، تبعت الأجزاء واحدًا تلو الآخر، هكذا حتى وجدت نفسها تقف في نور وتنظر إلى العتمة التي كانت فيها...
ذاكرتنا هي العثرة الوحيدة في طريق النور، ذاكرتنا، هي التي تزيد من قوة النفس، وتحجب من نور الروح..
قد لا نتخلص منها، لكن بإمكاننا إعادة النظر في مآسينا، بعيدًا عن كونها مآسي..
هذا لا يأتي إلا بالحب، هذا لا يأتي إلا بالإخلاص.. هذا لا يأتي إلا بالبصيرة لا الإبصار