الأحد، 27 مارس 2016

عن أبي أتحدّث

يفاجئني بالحضور بين الحين و الآخر، دون سابق دعوة ولكن لوجوده بشكل أو بآخر معان كثيرة في حياتي. بالأمس كنت منشغلة عنه و مع ذلك ذكرته مرتين على الأقل، واحدة كانت في مشهد عابر، و الأخرى كانت انتقادا لخيارات اختارها في زمن ما قبل المضي إلى العوالم الأخرى.

الخوف يعتريني فلا أجد ملاذا إلا بعض ذكرياتي معه، كالأيام التي كان يرفعني بها على كتفيه و يسير بي في شوارع دمشق القديمة، يحدثني عن التاريخ وعن التواضع، يحدثني عن بغداد وعن جدتي، يحدثني عن النخيل والنهر والبيت العتيق الذي كان يعشق.

كانت ذكرياتي معه كثيرة جدا، و لكن، وبعد مرور ربع قرن، اكتشفت أنها لم تكن بشيء يذكر أمام الحياة التي عشت، ومع ذلك صاغتني كلماته على حالي اليوم.


نعم كلماته تلك هي التي صنعت مني تجسيدا له و لأحلامه و بقائه.


اللوم و العتب ما عادا يجديا نفعًا مع الموت، في كل الأحوال هو يأتيني.

في كل الأحوال لا أتمنى أكثر من زيارته.


إنه أبي