الأحد، 6 مايو 2012

زيارة عابرة




بعد مرورها بنا بالأمس تغيرت للحظة نظراتي لما أحيا منذ أكثر من ربع قرن


إبنة وحيدة اليوم لأبويها بعد أن كان لها أخ في ريعان الشباب اختطفه المرض بين ليلة و
ضحاها و لا مبالغة حين أقول انها ليلة و ضحاها
جاء التعليق من أحدهم: كلما مرت بي و استشعرت مدى ما فيها من غباء تقززت من
وجودها

نظرت إليه و سألته هل فكرت بنظرتها اليوم الى الحياة بعد المرض العصبي الذي
أصابها نتيجة الصدمةهل تتخيل مدى ما بها من ألم و هي تعلم انها قرييا ستكون وحيدة
في هذا العالم بعدما كان لها أخ تعتز به و تنظر إليه على أنه سندها بعد رحيل الأبوين؟
هل تخيلت و لو لحظة ان يختفي من تحب من حولك و تبقى وحيدا مريضا في بيت؟

حتى زمن قريب كنت أحسد كل فتاة عندما أراها بصحبة أبويها تنال دعمهم مشورتهم و
نصائحهم تحظى بإهتمامهم و تنهل من حنانهم دون ان تشعر هي بقيمة ما تملك
نعم كنت أحسدها و اتسائل كيف كنت لأصبح لو كان لي أهل من حولي
كنت في بعض الأحيان أتوق لعناق حان أو توبيخ من أم
و هذا أوقعني مع أناس استغلوا نقطة ضعفي تلك
كنت أحيانا كثيرة أتوق لسعة أفق أب
و هذا أيضا أوقعني مع اناس حاولوا استغلال نقطة ضعفي تلك
كنت ألومهما دوما على رحيلهما المبكر و تركي وحيدةكنت اغضب أحيانا كثيرة عندما
لا أجد من يسندني في ضعفي و يحميني من
الغدر و من الزمان القاسي الذي عشت
لم يكن هناك أحد لينصحني في حياتي, لم يكن هناك أحد يكتب معي ذكرياتي يعيش
فرحي بالنجاح و يسهر على مرضي لم يكن هناك أحد منذ ربع قرن
تشكلت إمرأة قوية يراها الغريب صلبة, يراها الغريب جبل لا يتأثر بالزمن و عوامل
المناخ, يراها الغريب....
و القريب يهابها لا خوفا عليها بل خوفا على الإرث الذي كان لها
أذكر ذات يوم و انا في رحلة علاج بعد أزمة حياتية بحتة زيارة من انسانة ظننت انها
أمي في يوم من الأيام
و أذكر جيدا ما قالته لي لحظتها
"أتيت لأرى انكسارك فإذ بي أراك تقفين كما الرمح"
نظرت إليها بإبتسامة و طلبت منها الرحيل
كنت أتوق لعناق لكنها خذلتني بعد هذه السنين
خذلتني بكل ما بها من كراهية و حقد لا ينتهيان
خذلتني و رحلت
بكيت بعدها قليلا و عدت الى جلسة العلاج الفيزيائي افرغ همي في العلاج

عدت الى موضوعنا و قلت ليس بالضرورة ان نقاوم الصدمات و نحيا
البعض لا يستطيع المقاومة كما فعلت طوال ربع قرن
هي ليست بمضطرة للمقاومة لأن لديها من يسندها
ثم عدت الى نفسي و سألتها هل أردت ان تكوني بهذا الشكل؟
و جاء الرفض قاطعا, لمعت الفكرة في الروح و أضائت من حولها عتمة الوحدة
ربما كان من الأفضل ان يموتا باكرا فلولا موتهما المبكر ما اصبحت انسانة نوعا ما
سوية رغم غرابة أطوارها و أفكارها و مجريات حياتها
انا و للمرة الأولى أجد إيجابية في موتهما مبكرا


نداء

أجبني







مرت بي طيور الصباح





سائلة عن الأحباب






أطل القلب ذابلا





عطشا





و الروح بلا رجاء






خجلا جاءت الشفة بــ رد حائر:








ما نسرقه



في غفلة الزمن



من وقت



شحيح



فكيف يكون



العتاب مكلف



و الشوق



ما زال صريح؟








أَجـِــبـني



فأنتَ نبع العشق



و أنت بوح القلم



ألم تكن كاتب عهدي



و رأس حربتي



و جنح الكلم؟








أم أن حرفي بات



نثرا



واهي المعنى



عليل



و الروح أمست غربتي



و الجرح ما انفك كبير




أجبني

السبت، 5 مايو 2012

قولي .......... صمتا



قــُولـِـي مَن تـَـكـُـونــِـيـن

يا عـَتـمـَةً شـَارِدَةً بـِـرُوحِ النـُور



قُولـِـي

فما أنتِ بينَ الحـَياةِ وَالمَـوتِ
مَـوجةً على رِمـالِ الدَهر
وما أنتِ بينَ السَماءِ وَالأرض
غـَـيـمـَـةً تـَحمـِـل مَـطـَـر



قـُـولــِــي

وإن شئتِ
ارسمي
على أهدابِ الماءِ
لوحًا للقدر



صـَمتًا
يا شاردَ اللحن
صَـمتًا
فـدَهرِي مـا عـَادَ يـَحـتـَـمِلُ الغـِناء



صـَمتًا
حــُفاةَ الأرض
فالصخرُ لا يـَكفـِي الجـِـياع



صـَـمتًا أبي
فلـَـحنـُـكَ لـَم يـُرَدِدهُ الصـَدى
ولـَم أفعـَل بــِمـَا يـَـكفـِـي أنا



صـَمتًا
أيـَـتــُها الحـَياة تبًا لكِ
فالفشَلُ عـَـلى أَعـتـَابـِك
لا يـُمطـِـرُ فـِـي عَـيـنـِي قـَهَر





صـَـمتًا
أيـَتــُها السـَماء
ما عَـادَ نــَـجـمـُكِ فـِـي رُوحـِـي زَهـَر

بعض من ما قالته روح عجوز







طرحت بالأمس سؤالا على الأصدقاء كان هذا مفاده






"ما الذي يفقد المرء شهية الحياة و الموت في آن واحد؟"






و جائت الإجابات كالتالي


الإهمال


الملل


الحب إذا ما استشعرنا انسحابه


اليأس






قد تبتعد إجابتي عن هذه المحاور أو قد تقترب لكنها تتلخص في كلمة واحدة و هي " الذكريات" ربما لا يستوعب البعض كيف تكون الذكريات سببا في إنعدام رغبتنا في الحياة و الموت في آن واحد و سأجيب من منظور إدراكي الحسي و من منظور تجربتي و تاريخي الشخصي فمعذرة لمن لا رغبة لهم بفهم وجهة نظري






الذكريات الإيجابية


و هي نوعين أحدهما يولد إحساس عميقا بالفقد و عتبا كبيرا على القدر فيه إختفى أفراد و مفردات و مكونات تلك الذكريات من الحياة لكنها ذكريات جميلة نفتقد أيامها و نحزن لأننا لم نعد كما كنا فيها كالذكريات مع الأبوين فبعد رحيلهم يتوالد إحساس الفقد و يكبر و نعتب على الزمن وحدتنا و إفتقارنا لذات أبوية في حياتنا( أنوه هنا أني أبني كلامي على تجربتي الشخصية فقد انتهى دور الأهل في حياتي منذ أكثر من ربع قرن بشكل قسري لا إختياري) و هو ما يجعل من كيان أو شخصية مثلي مضطربة و في تيه و ضعف في أحيان كثيرة من ما يجعلني أفقد الرغبة في الحياة, و يأتي دوري كأم لأجد في نفسي رغبة ما في زاوية من زوايا النفس تريد مني أن أمنح إبني شيئا من الحياة جميل فأفقد الرغبة في الموت أيضا لأجله لا لأجل نفسي






النوع الثاني من الذكريات الإيجابية


هي ذكريات لم يختفي أفرادها من الحياة و لا معطيات الذكريات كالمكان و المشاعر و لكن تحولت الحياة الى شيء آخر بعيد كل البعد عن معاني مفرداتها الأولى لنفس العناصر, تذكرنا لتلك اللحظات يحول أيامنا الى كابوس متكرر نفقد معه الرغبة في الحياة فليس هذا ما إعتدناه و ليس هذا ما كنا نحياه و ليس هذا ما كان فرحنا من العمر, و هو ما يفقدنا الرغبة في الحياة اما عن فقدنا للرغبة في الموت في ظل هذه الذكريات فهو نابع من محاولات لإستعادة شيء من ما كنا عليه حتى و إن كانت أحلام واهية لا أصل لها و لا حقيقة في واقعنا






الذكريات السلبية


هي كل ما يؤلمنا و يفتت الروح و ينثرها ملحا في جراحنا تفقدنا الرغبة في الحياة لشدة الألم و تفقدنا الرغبة في الموت بسبب الضعف و عدم القدرة على إتخاذ قرار






هي كلمات حائرة لا أكثر أعترف بعدها اني ضعيفة لا أستطيع اتخاذ قراري و لا أرغب في الحياة و لا أستطيع إختيار الموت






نـــداء عادل